دعم الموسوعة:
Menu

الموسوعة العلمیة الکبرى

عنوان تـقریظ لفخامة رئیس جمهوریة باکستان الإسلامیة السید محمد رفیق بن تارر [1]

  

بسم الله الرحمن الرحیم

إن قیام سبط النبی (صلى الله علیه وآله) الإمام الحسین (علیه السلام) للدفاع عن دین الله وشریعة محمد (صلى الله علیه وآله) والقیم الإنسانیة وفداء نفسه لأجل ذلک لا ینسى ذکره أبدا بل تبقى تلک الفدیة العظیمة فی قلب البشریة إلى أبد الآباد، الحق إن المعارضة بین الحق والباطل بدأت منذ خلق الإنسان وبدء الکون، ولکن فی عصر غلب أهل الله وعباده المنتجبین على الباطل وأهله، وبذلک تحقق إعلاء کلمة الحق، وتـتم الإنسانیة بالوجود الواقعی.

ویشهد التاریخ الإنسانی على أن الأمم الحیّة تحیی ذکرى کبارها وزعمائها ومحسنیها، وتقوم لحفظ آثارهم وأهدافهم العالیة، لکی یطلع علیها سائر الأمم ویستـفیدون من سیرتهم، ولا شک إن لشخصیة الإمام الحسین (علیه السلام) مقاماً رفیعاً وخاصاً به فی التاریخ، وأثبت الإمام بقوله وفعله ما قال الرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله ): " حسین منّی وأنا من حسین ".

إن الإمام الحسین (علیه السلام) قد أهدى کل ما کان عنده فی طریق إنقاذ البشریة وتـنفیذ أحکام إلهیة فی المجتمع الإنسانی الکبیر، وهو محسن للإنسانیة کلها، وتعترف الإنسانیة بإحسانه وهو وضّح وأعلن هدفه عن القیام حین قال: " خرجت لإعلاء کلمة الله والدفاع عن شریعة جدی محمد وأرید أن یبقى حلال محمد حلال إلى یوم القیامة وحرامه حرام إلى یوم القیامة، ولا یحق لأحد أن یغیر أحکام الله، والحیاة مع الحریة والفضیلة عزّ الإنسان، والموت فی عـزّ خیر من حیاة فی ذلّ ".

لقد فرحت عندما سمعت بتألیف دائرة المعارف الحسینیة حول التحقیق بکل ما یتعلق بالإمام الحسین (علیه السلام) والذی حقق فیها المؤلف الفاضل المنظور فیه مستـنداً بالآیات القرآنیة والأحادیث النبویة الشریفة والتاریخ والأدب بشکل جامع وکامل، وقد وصلت أجزاء الموسوعة إلى خمسمائة مجلد أو ما یزید علیه فی المستـقبل، وهذا الأمر لا نظیر له فی تاریخ تدوین دوائر المعارف، ویجدر تـقدیر مؤلفها سماحة العلامة محمد صادق الکرباسی وأصدقائه لهذا العمل العظیم الذین بذلوا لأجله جهودهم العالیة لیلاً ونهاراً، وقدموا هذه الخزانـة العلمیة الثمینة التی ذکرت فیها من جمیع مکاتب الفکر والمذاهب الإسلامیة الکتب والکتاب والتحقیق حول آثارهم بما یتعلق بالموضوع، والتی تسهل الطریق إلى وحدة الأمة الإسلامیة وتـقریب العلماء والمفکرین، ومن الضروری أن یُترجم هذا الکتاب العظیم بجمیع لغات العالم الحیّة لکی یحصل لکل من یرید التحقیق حول ما یتعلق بالإمام الحسیـن (علیه السلام) معلومات تامة شاملة فی أثر علمی واحد.

والواقع إن " دائرة المعارف الحسینیة " بحجمها الکبیر یأخذ مکانها حمیداً ومختصاً به فی المکتبات الإسلامیة، ویستـفید المحققون فی الموضوعات الإسلامیة والإنسانیة من مائدة هذه الموسوعة العلمیة الکبرى بما یشاؤون ویشبعون منها ویتـلقون على مرام الإمام الحسین (علیه السلام) وأضحیته فی تـنـفیذ الحکم الأسمى العظیم فی المجتمع الإنسانی، والحق هو ما قال الشاعر الحکیم العلامة محمد إقبال اللاهوری :

زنده حق أز قوّت شبیری است           باطل آخر داغ حسرت میری است

ولا شک إن شهادة الإمام الحسین (علیه السلام) وعترة الرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) درس عظیم ورسالة عظیمة تؤکد أن الاستـقامة على الصراط المستـقیم لابد منها فی الدفاع عن القیم الإنسانیة، وهذا هو الأصل الأساس فی المدرسة النبویة الـشریفة الذی افتدى أصحاب النبی (صلى الله علیه وآله) حیاتهم الشریفة من أجلها، لأن الإیمان بالتوحید یلازم بالتعهد العملی الواسع، لأن فیه إنکار لکل من یدعی الربوبیة من الخلق، وهو یسبب المشاکل الاجتماعیة فی الحیاة، وتحمل تلک المشاکل یوجب النجاة والسعادة، والمؤمن بالله المعتمد على أحکام الله ینال الدرجات العالیة من الفضل والکمال.

والتاریخ الإنسانی ملیء بأمثـلة وقعت وتمثـلت بالصراع بین الحـق والباطل حیث غلب الحق على الباطل وأهله، فمن إسماعیل (علیه السلام) الى الحسین (علیه السلام) ومن معرکة بدر إلى کربلاء، توجد أمثـلة ونماذج کثیرة لأبطال الحریة، وهی معارک عشق وحبّ، ویقول العلامة محمد إقبال اللاهوری رحمه الله :

سبط خلیل بهی هی عشق صبر حسین بهی هی عشق

معرکـه وجـود میـن بـدر وحنین بهی هی عشق

أی " صداقة خلیل إبراهیم عبارة أخرى عن العشق الإلهی وصبر الحسین (علیه السلام) أیضاً نموذج من العشق الإلهی، وفی معرکة الوجود معارک بدر وحنین أیضاً معارک للعشق " فاللازم علینا أن نسلک طریق قدوتـنا الأحرار الذین فدوا أنفسهم للحق والقیم الإنسانیة وأعلوا کلمة التوحید والحق وغلبوا على قول الباطل بأجمعها.

فالإمام الحسین قائدنا وزعیمنا ومحسننا، فعلینا أن نحیی ذکراه وندافع عن مواقـفه، والله المعین وهو المستعان.

  

3/5/1420 هـ 15/8/1999 م

باکستان – إسلام آباد

محمد رفیق تارر

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ولد فی قریة بـیرکوت البنجابیة فی باکستان سنة 1352 هـ (1934 م )، تخرّج من جامعة لاهور – کلیة القانون، وعیّن قاضیاً سنة 1394 هـ (1974 م) فی المحکمة العلیا بلاهور، اختاره الرئیس الأسبق الجنرال ضیاء الحق عضواً فی اللجنة المشرفة على الانتخابات العامة للبلاد وذلک عام 1395 هت (1975 م )، وفی عام 1409 هـ (1989 م) تولى رئاسة المحکمة العلیا فکان قاضی قضاتها حتى عام 1414 هـ (1994 م )، وفی سنة 1417 هـ (1997 م) دخل المعترک السیاسی، فانتُخب عضواً لمجلس الشیوخ، تولى رئاسة الجمهوریة عام 1418 هـ (1/1/1998 م) ولازال یشغل هذا المنصب.